4 حقائق عن "التعديل التاريخي" لسياسة الاحتياطي الفيدرالي
تم النشربتاريخ : 2020-09-01
خطوة تاريخية أعلنها رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي "جيروم باول" بشأن استراتيجية جديدة لاستقرار الأسعار والوصول للحد الأقصى للتشغيل.
وأعلن "باول" خلال خطابه في ندوة "جاكسون هول" تعديلات على سياسة البنك التي تم إقرارها في عام 2012 بشأن التضخم والتشغيل الكامل للعمالة.
ماذا حدث؟
- تضع الاستراتيجية الجديدة مزيداً من الاهتمام على هدف الوصول للحد الأقصى للتشغيل، واهتماماً أقل بالنسبة لمخاوف تسارع التضخم.
- وصف الفيدرالي الوصول إلى مرحلة التشغيل الكامل للعمالة بأنه "هدف شامل وواسع النطاق"، متعهداً بأن البنك سيتخذ قراراته بناءً على "النقص في التوظيف الكامل"، مع حقيقة ارتفاع معدل البطالة بسبب الوباء أعلى 10%.
- التغيير الأخر الذي لاقى اهتماما واسعاً يتمثل في استبدال "هدف التضخم عند 2%" بـ"مستهدف لمتوسط التضخم على مدار الوقت يبلغ 2%".
- يعني ذلك أن الفيدرالي سوف يسمح بتسارع التضخم أعلى 2% في بعض الفترات لتعويض هبوط المستوى العام للأسعار عن هذا المستوى في أوقات سابقة، ليبلغ مستهدف التضخم 2% في المتوسط على مدار فترة زمنية طويلة.
- قال "باول" إن هذا التغيير يعكس وجهة نظر البنك بأن سوق العمل القوي يمكن أن يستمر دون التسبب في تسارع التضخم.
- كان الفيدرالي عادة يخشى تراجع معدل البطالة بقوة وبسرعة خوفاً من تسبب ذلك في تسارع أداء الاقتصاد لدرجة قد تؤدي إلى ارتفاع معدل التضخم.
- لكن قبل ظهور وباء "كورونا"، تراجع معدل البطالة في الولايات المتحدة لأدنى مستوى في 50 عاماً دون أن يتسبب ذلك في تسارع التضخم الذي ظل بعيداً عن هدف الـ2%، وهو ما أظهر اختفاء العلاقة العكسية السابقة بين البطالة والتضخم والتي كانت تُعرف بـ"منحنى فيليبس".
- يعمل التضخم من خلال اعتقاد المستهلكين والشركات بأن الأسعار سوف ترتفع في المستقبل، وبالتالي الاتجاه إلى الاقتراض والإنفاق بسرعة خوفاً من تزايد التكاليف لاحقاً، وهو ما يؤدي لتسارع الطلب وبالتالي مستوى الأسعار.
- من خلال تعديل أطر السياسة، يوضح الفيدرالي للمستهلكين والمستثمرين أنه سيسمح بتسارع التضخم مع استهدافه محاربة البطالة المرتفعة.
- تشير هذه الاستراتيجية إلى أن الفيدرالي لن يفكر في رفع معدل الفائدة إلا في حال تسارع التضخم إلى مستوى 2% خلال فترة ممتدة من الوقت، ما قد يعني بقاء الفائدة منخفضة لفترة تتجاوز التوقعات السابقة.
ولماذا نرغب في التضخم؟
- بالنسبة للمستهلك، يعتبر ارتفاع الأسعار أمراً سلبياً لأنه يقلص الدخل الحقيقي ويعني تراجع القيمة الشرائية للنقود.
- لكن على الجانب الآخر، يعتبر الهدف الأول للشركات هو زيادة الربح والذي ينتج عن ارتفاع أسعار بيع السلع والخدمات بوتير تتجاوز صعود تكلفة الإنتاج.
- أثبتت التجربة أنه في حال اعتقاد المستهلك بأن الأسعار قد تتراجع أو ستظل عند نفس مستوياتها مستقبلاً، فإنه سيفضل تأجيل قرارات الاستهلاك، الأمر الذي يضر بالطلب وبالتبعية يدفع الشركات التي تعاني من تراجع المبيعات إلى خفض الإنتاج وتقليص العمالة ما قد يوقف النمو الاقتصادي بشكل عام.
- تحدث "جون ماينارد كينز" في النظرية الكينزية للاقتصاد عن "مفارقة الادخار"، والتي تتمثل في تفضيل الأفراد للادخار في فترات الكساد خوفاً من المخاطرة، ما يؤدي إلى تراجع الطلب الكلي وبالتالي يقلص الاستثمار لتستمر أزمة الاقتصاد.
- توصلت البنوك المركزية إلى نتيجة منطقية وهي أن قليلا من التضخم يعتبر أمرا ضروريا لتحفيز الطلب وبالتالي زيادة التوظيف والاستثمار ونمو الاقتصاد.
- تحدد معظم البنوك المركزية الكبرى مستهدفا للتضخم حول مستوى 2%، وهو ما تراه مناسباً لدفع الاقتصاد إلى الأمام، لكنها فشلت في تحقيق هذا الهدف طوال السنوات الماضية.
- ذكر باول" أن البنك يدرك أن ارتفاع أسعار السلع الأساسية مثل الطعام والبنزين والمسكن يزيد من أعباء الكثير من العائلات خاصة أصحاب الدخل المنخفض، لكنه شدد على أن التضخم المنخفض لفترة طويلة يشكل خطراً جسيماً على الاقتصاد.
كيف ستتأثر الأصول المالية؟
تقدم معدلات الفائدة المنخفضة دعما لأسواق الأسهم والمعادن النفيسة، بينما تمثل عاملاً سلبياً للدولار الأمريكي.
- استفاد سوق الأسهم الأمريكي خلال الأشهر الماضية من تراجع معدلات الفائدة قرب الصفر وضخ الاحتياطي الفيدرالي تريليونات الدولارات من السيولة، ما ساهم في تسجيل مؤشري "ناسداك" و"ستاندرد آند بورز 500" مستويات قياسية وتعافي السوق من القاع المسجل في مارس.
- يرى "محمد العريان" المستشار الاقتصادي لشركة "أليانز" أن خطاب "باول" يؤكد توقعات المستثمرين باستمرار ضخ الفيدرالي للسيولة، وهو ما تسبب في دعم أسواق الأسهم طوال الفترة الماضية.
- يرى "العريان" أنه في الوقت الذي تدعم هذه التوقعات أداء سوق الأسهم، فإنه من الضروري أن تكون الأساسيات داعمة أيضاً لهذا الصعود المستمر والذي يعتمد حالياً على توجه قوي للمخاطرة من جانب المستثمرين.
- يوضح العريان أن هناك خطرين من التغيير الحالي لسياسة الفيدرالي، الأول يتمثل في تضرر محتمل لسمعته مع السعي لتحقيق هدف أكبر بعد الفشل المتكرر في الوصول إلى المستهدف الأقل طموحاً، والثاني هو المخاطرة بمزيد من الانفصال بين أسعار الأصول من جهة والاقتصاد الحقيقي وأساسيات الشركات من جانب آخر.
- وفي سوق السندات، ظهر أثر تحول الفيدرالي في ارتفاع العائد على الديون الحكومية لآجل 30 عاماً أعلى 1.4% بعد القرار مباشرة بدعم تساهل البنك المعلن حيال تسارع التضخم، لكن توقعات عدم رفع الفائدة تضع ضغوطاً هبوطية على عوائد السندات قصيرة الآجل.
- على جانب الدولار، تعتبر توقعات الفائدة المنخفضة لفترة طويلة والسماح بتسارع التضخم عوامل سلبية لقيمة العملة الأمريكية قد تدفعها لاستمرار الهبوط من أدنى مستوى في عامين والمسجل في نهاية الأسبوع الماض
- في حال تعافي الاقتصاد بسرعة وتزايد توقعات التضخم، فإن التشاؤم حيال أداء الدولار سوف يتواصل في العام المقبل، مع حقيقة أن نتائج الانتخابات في نوفمبر لا تزال عاملا مؤثرا بالنسبة لتوقعات العملة في 2021.
- تاريخياً، تقدم معدلات الفائدة المنخفضة وضعف الدولار دعماً لأسعار المعادن التي تمثل ملاذا آمناً مثل الذهب والفضة، خاصة مع استمرار صعود المعروض النقدي واتساع عجز الموازنة الأمريكية.
ماذا عن باقي العالم؟
- تدعم معدلات الفائدة المنخفضة لفترة طويلة في الولايات المتحدة الاقتصادات الناشئة والتي لن تضطر لرفع الفائدة من أجل حماية عملاتها المحلية أو لجذب رؤوس الأموال الأجنبية.
- وتسمح تعديلات السياسة التي أقرها الاحتياطي الفيدرالي بمساحة أكبر للبنوك المركزية الأخرى لإبقاء معدلات الفائدة منخفضة لدعم الاقتصادات المتراجعة بسبب ضربة وباء "كورونا".
- كانت البنوك المركزية في الأسواق الناشئة تضطر لرفع معدلات الفائدة بالتزامن مع أي قرار مماثل يعلنه الفيدرالي، خوفاً من تخارج الأموال الساخنة وتراجع قيمة عملاتها.
- كما أن التراجع المحتمل لقيمة الدولار الأمريكي يقدم دعماً لعملات وأصول الأسواق الناشئة أيضاً، والتي قد تشهد اهتماماً من جانب المستثمرين الأجانب الراغبين في الحصول على عوائد أعلى.