العسيلي : حجم خسائر الاقتصاد المحلي يفوق 3 مليارات دولار
تم النشربتاريخ : 2020-08-05
قال وزير الاقتصاد الوطني المهندس خالد عسيلي إن جائحة " كورونا" ضربت الاقتصاد الفلسطيني في شتى المجالات، وذلك بالتزامن مع الإجراءات الإسرائيلية للضغط على القيادة الفلسطينية وخاصة قضية المقاصة واحتجاز الأموال الفلسطينية المستحقة على دولة الاحتلال بعد وقف التنسيق الأمني، مشيراً إلى أن الحكومة وضعت خططاً استراتيجية من أجل الخروج من هذه الأزمة.
وأضاف العسيلي في لقاء مع "القدس"، عبر مسؤول ملف الإعلام في المؤتمر الوطني الشعبي للقدس واصل الخطيب: إن تقديرات حجم الخسائر في الاقتصاد المحلي تفوق 3 مليارات دولار، موضحاً أن المنشآت الصغيرة كانت الأكثر تضرراً.
وأشار إلى أن الحكومة تسعى لزيادة حجم التبادل التجاري والاستثمار مع الدول العربية والإسلامية، كما تعمل على حشد التمويل لدعم صمود المواطنين والمنشآت الاقتصادية.
وكشف أن حكومة د. محمد اشتية تعمل على تنفيذ مشروع "الكومسيك" المخصص لدعم قطاع السياحة في مدينة القدس بقيمة 592 مليون دولار.
وفيما يلي نص اللقاء:
س1: كيف تقيم الوضع الاقتصادي في فلسطين في ظل جائحة كورونا؟
ج- فلسطين كسائر دول العالم تأثر اقتصادها بصورة كبيرة جراء جائحة كورونا، حيث تضررت معظم القطاعات الاقتصادية، ولكن بصورة متفاوتة، إذ إن أكثر من 100000 منشأه اقتصادية تعطلت عن العمل، وقد أدى ذلك إلى انكماش الناتج الإجمالي المحلي، وانخفاض متوسط دخل الفرد الفلسطيني، وكذلك أدى إلى انخفاض الإيرادات العامة للحكومة الفلسطينية، وتزامن ذلك مع وقف الجانب الإسرائيلي دفع المستحقات المالية من المقاصة والتي تشكل ثلثي الإيرادات العامة للخزينة الفلسطينية، وهذا كله ألقى بظلاله على الواقع الاقتصادي الإجمالي، وعدم تمكُّن الحكومة الفلسطينية من الإيفاء بالتزاماتها تجاه موظفيها، والالتزامات المالية الأُخرى الجارية والتطويرية.
أبرز القطاعات المتضررة...
س2- ما هي أهم وأبرز القطاعات التي تضررت بشكل كبير بسبب الإغلاقات لدرء أخطار الجائحة؟
ج- فلسطين كانت من أوائل الدول التي اتخذت إجراءات وقائية صارمة لمحاربة وباء كورونا، بعد أن أعلنت منظمة الصحة العالمية بتاريخ 21/ 2/ 2020 أن الفيروس أصبح وباء عالمياً، وأعلنت حالة الطوارئ في الأراضي الفلسطينية بتاريخ 5/ 3/ 2020، حيث تم اتخاذ مجموعة من الإجراءات الاحترازية المشددة، التي أدت إلى إلحاق الخسائر بمعظم القطاعات الاقتصادية، حيث كان جُلّ اهتمام الحكومة وما زال هو صحة المواطن الفلسطيني.
وعن تقديرات حجم الخسائر تعددت الجهات والدراسات والتقارير التي تناولت هذا الموضوع، إلا أنها جميعها أكدت أن هناك خسائر فادحة تكبدها الاقتصاد الفلسطيني تفوق 3 مليارات دولار، إذ إن بعض القطاعات والأنشطة الاقتصادية شلت بالكامل مثل القطاع السياحي والأنشطة المرتبطة به من مقاهي ومطاعم ونوادي ومتنزهات، وبعض القطاعات استمرت بالعمل جزئياً، وهناك قطاعات أُخرى ازدهر عملها خلال هذه الفترة مثل قطاع الأدوية والأنشطة المرتبطة به، حيث تم إنشاء نحو 56 منشأة اقتصادية جديدة تعمل في مجال المعقمات والكمامات والملابس الصحية، إلا أن نحو 25-30% فقط من المنشآت بقيت تعمل، علماً أن عدد المنشآت الاقتصادية 147000 منشأة، معظمها منشآت متناهية الصغر وصغيرة.
س3- لماذا برأيكم تصدع الاقتصاد الوطني على هذا النحو وبهذه السرعة؟ هل البنية الاقتصادية الوطنية هشة الى هذا الحد؟
ج- القطاع الاقتصادي الفلسطيني صغير الحجم، يبلغ الناتج الإجمالي المحلي نحو 15.6 مليار دولار، ويواجه الكثير من التحديات، أبرزها التحدي الإسرائيلي، الذي يسيطر على جميع الموارد الاقتصادية الفلسطينية، فهو يسيطر على 62% من الأراضي الفلسطينية المصنفة "ج"، وعلى أكثر من 85% من الموارد المائية، إضافة إلى سيطرته المحكمة على المعابر والحدود، وجدار الفصل العنصري، والاستيطان، وقطع المحافظات الشمالية عن الجنوبية، وغيرها الكثير، والموارد الاقتصادية محدودة جداً، وبالتالي القطاع الاقتصادي أكثر عرضةً لأيّ هزات اقتصادية أو سياسية تتعرض لها الأراضي الفلسطينية، والتي كان أخرها جائحة كورونا والتهديدات الإسرائيلية بفرض سياسة الضم لأجزاء من الأراضي المحتلة.
الانفكاك الاقتصادي..
س4- هل تعتقدون أن الانفكاك الاقتصادي التدريجي عن اقتصاد الاحتلال ووقف التنسيق الأمني كان لهما أثر على تقهقر الاقتصاد الوطني؟
ج- الانفكاك الاقتصادي التدريجي عن الاحتلال الإسرائيلي أولوية حتى نبعد شبح السيطرة الإسرائيلية الكاملة عن الاقتصاد الفلسطيني، حيث إن جُل استيرادنا مسيطر عليه من الجانب الإسرائيلي بنسبة 60%، وأكثر من 80% من صادراتنا، وقد أدت السياسات الفلسطينية في هذا المجال إلى انخفاض إيراداتنا من الجانب الإسرائيلي والتوجه للعمق العربي والإقليمي والدولي، بالتالي فإن السبب الرئيس لتراجع الاقتصاد الفلسطيني هو السيطرة الاسرائيلية على معظم الحلقات الاقتصادية الفلسطينية، وعرقلة أيّ سياسات وطنية تنموية، وخير مثال تكرار قرصنة الاحتلال لأموال المقاصة الفلسطينية، وتهديداتها المستمرة بسياسات الضم والتوسع، واستمرار مصادرة الأراضي وبناء مستوطناتها.
قطاع العمل الأكثر تضرراً..
س5- هل توافق الآراء التي تقول إن قطاع العمال هو الأكثر تضرراً في هذه الجائحة، خاصة عمال المياومة؟
ج - لا شك أنّ قطاع العمالة الفلسطينية تأثر بصورة كبيرة جداً، خاصة أن أكثر من ثلثي المنشات الاقتصادية توقف عن العمل، إضافة إلى ذلك قطاع العمالة في إسرائيل أيضا تأثر بصورة كبيرة جداً، حيث كانت تحويلاتهم تزيد على ملياري دولار.
إغلاق الخليل ونابلس..
س6- تم إغلاق الخليل ونابلس في المرحلة الثانية من حالة الطوارئ، على الرغم من أن كلتا المحافظتين عصب مركزي للاقتصاد الوطني، على أي أساس تم اتخاذ هذا القرار؟
ج- تمت إدارة الأزمة بشفافية مطلقة من الحكومة، كما تم تقديم خطط طوارئ لجميع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وكذلك نشر المعلومات الموثوقة بصورة يومية، والتعاون الوثيق بين مكونات المجتمع الفلسطيني من حكومة وقطاع خاص ومجتمع مدني في إدارة هذه الأزمة، إذ تم تشكيل لجنة طوارئ عليا، ولجان طوارئ وإغاثة وتكافل في جميع التجمعات الفلسطينية من مدن وقرى ومخيمات وبالتالي جرى إدارة سياسات مواجهة هذا الوباء على المستوى الوطني وتوجيه كافة الجهود، من قطاع عام وقطاع خاص ومجتمع مدني ومانحين وتوزيع مواردهم بما يكفل تحقيق مراقبة هذه الجائحة والحد من انتشارها.
مراقبة الحالة الوبائية في فلسطين
س7- هل تعتبرون الإغلاق هو الحل، وإن كان كذلك فلماذا لم نستفد من تجربة الأردن في موضوع الإغلاق الشامل لحصر الوباء؟ وإن كان المرض سيتواصل لزمن طويل، فهل ترون أن الإغلاق هو الحل؟
ج- لجنه الطوارئ العليا في فلسطين، ولجان الصحة الوطنية، وبالتعاون مع منظمة الصحة الدولية، تقوم بمراقبة الحالة الوبائية الفلسطينية واتخاذ الإجراءات المناسبة لمنع تفشي هذا الوباء، والحكومة الفلسطينية منذ البدايات أدارت الأزمة بمهنية عالية جداً، ومازالت تتبنى النهج التشاركي مع جميع الجهات ذات العلاقة للحد من انتشار هذا الوباء، وأصبحت مرحلة التعايش معه أمراً ملزماً، وبالتالي تحاول الحكومة الفلسطينية الموازنة بين إجراءات الوقاية والمحافظة على صحة المواطن، وما بين العودة التدريجية للأنشطة الاقتصادية بالعمل من جديد.
خطط لإنقاذ الاقتصاد الوطني
س8- ما هي الخطط التي بجعبتكم لإنقاذ الاقتصاد الوطني، خاصة اصحاب المنشآت والمشاغل الصغيرة ؟
ج - قطاع المنشآت الصغيرة والمتناهية الصغر يشكل نحو 97% من حجم المنشآت الاقتصادية، وكون معظم هذه المنشات قد تضررت بفعل هذه الجائحة، فإننا نحاول جاهدين دعم تمويل متطلبات هذه المنشآت للعمل من جديد، من خلال توفير رزمة من التسهيلات المالية من جهات محلية ودولية، وبفوائد بسيطة جداً، وفي القريب العاجل سيتم إتاحة هذه المصادر التمويلية.
صندوق وقفة عز
س9- هل تعتقد أن صندوق وقفة عز الذي تتذمر شريحة واسعة من الناس من طريقة تعامله مع المحتاجين الحقيقيين ساهم في حل إشكالات اقتصادية؟
ج - الحكومة تحاول جاهدة الوقوف إلى جانب شعبها ومواطنيها ضمن إمكاناتها المالية المتاحة، وكان ومازال جُلّ اهتمامها كبح انتشار الوباء من خلال مجموعه من التدخلات الصحية السريعة من تجهيز المستشفيات، وأماكن للحجر الصحي وزيادة في عينات الفحص، إضافة لذلك الوقوف إلى جانب مواطنيها المتضررين من خلال تدخلاتها في الحفاظ على تدفق الدخل للأسر الفقيرة والمحتاجة والتي وصل عددها إلى أكثر من 125 ألف أسرة، كذلك منع تسرب العمال والإبقاء على دفع أُجورهم، وذلك بموجب الاتفاقية التي أبرمت بين وزارة العمل والقطاع الخاص، علماً أن إنشاء صندوق وقفة عز جاء تعزيزاً لدعم الشريحة المتضررة، حيث تم استهداف الطبقة الأكثر تضرراً في مراحله الأولى، وستستفيد شرائح أخرى خلال الاستهدافات الحالية والمقبلة.
س10- إلى أي مدى يستطيع الاقتصاد الوطني الصمود؟
ج- الاقتصاد الوطني اعتاد على الظروف الاستثنائية، كون معظم منشأته صغيرة الحجم باستطاعته التأقلم والاستمرار بالعمل، وجهد الحكومة حالياً مُنصبٌّ باتجاه توفير مقومات الصمود لهذا القطاع، عبر توفير مصادر تمويلية متاحة من مصادر محلية ودولية، ومن خلال دعم وتبني سياسات دعم المنتج الوطني كبديل عن المنتجات المستوردة بصورة عامة والمنتجات الإسرائيلية بصورة خاصة.
س11– ما هو حجم الخسائر المقدرة التي لحقت إلى الآن بالقطاعات الاقتصادية المختلفة؟
ج- تعددت الجهات التي درست موضوع الخسائر التي ألمت بالاقتصاد الفلسطيني جراء جائحة كورونا، ووزارة الاقتصاد الوطني أيضاً درست هذه الخسائر، وقد تم الوصول إلى نتائج، وإن كانت متفاوتة إلا أنها متقاربة، وتفوق 3 مليارات دولار، وهنا نؤكد مرة أُخرى أن معظم القطاعات الاقتصادية متضررة، ولكن بصورة متقاربة.
اتصالات خارجية لإنقاذ الوضع
س12- هل توجد لديكم اتصالات عربية واسلامية ودولية لحشد الدعم المالي للوقوف إلى جانب شعبنا في محنته؟
ج- إن التوجه للعمق العربي والإسلامي والدولي أولويتنا في شتى المجالات، من أجل الانفكاك التدريجي عن الاحتلال الإسرائيلي، وقد عكسنا ذلك في الأهداف الإستراتيجية لخطة التنمية الاقتصادية 2017-2022، وتحديثاتها الحالية، حيث نسعى لزيادة حجم التبادل التجاري والاستثمار مع هذه الدول، إضافة إلى حشد التمويل، ولدعم صمود مواطنينا ومنشأتنا الاقتصادية، من مصادرنا المحلية ومن مصادر خارجية، حيث استعدت سلطة النقد لتقديم 210 ملايين دولار لدعم صمود الشركات الصغيرة وبفوائد متناقصة، واستعد بنك التنمية الإسلامي لتوفير 25 مليون دولار، وصندوق الاستثمار الفلسطيني استعد لتقديم 25 مليون دولار أُخرى، والجهود مستمرة مع عدد من الجهات المانحة لتوفير قرض بقيمة 475 مليون دولار بفوائد بسيطة من أجل توفيرها للمنشات الصغيرة والمتناهية الصغر.
القدس تضررت بشكل كبير من الجائحة
س13- ما هو تأثير جائحة كورونا على محافظة القدس؟
محافظة القدس كسائر المحافظات الفلسطينية الأُخرى تضررت بصورة كبيرة جراء هذه الجائحة، ما أدى إلى زيادة انتكاس الحالة الاقتصادية داخل المحافظة، التي هي أصلاً تعاني من تحديات كبيرة من الجهات الإسرائيلية، إذ إن نسبة الفقر زادت على 80%، وحجم البطالة تعدى 11.5%، والكثير من المحلات التجارية مهدد بالإغلاق لتراكم ضرائب "الأرنونا". ومازالت مساعي الحكومة مستمرة لحشد التمويل الخاص بمحافظة القدس من أجل تعزيز صمود المحافظة في وجه الاحتلال، من جهة، وفي مواجهه جائحة كورونا من جهة أُخرى، كما أقرت تقديم مساعدة مالية لـ 1400 محل تجاري في البلدة القديمة، إضافة إلى أنه جارٍ العمل على تنفذ مشروع "الكومسيك" المخصص لدعم قطاع السياحة في مدينة القدس بقيمة 592 مليون دولار.