تحذير من تراكم ديون السلطة لدى القطاع الخاص
تم النشربتاريخ : 2013-11-21
فاقت مستويات اقتراض مصانع الأدوية وشركات توريدها من البنوك بفلسطين مستوياتها العليا، كما عجزت عدد منها عن دفع رواتب موظفيها أو تأخرت في ذلك، نظرا لتراكم ديونها على السلطة الفلسطينية وفق تأكيدات مسؤولي هذا القطاع. وتفوق مستحقات القطاع الخاص الفلسطيني على السلطة أربعة مليارات دولار.
وبينما تبرر الحكومة الفلسطينية عدم سداد الديون المتراكمة بقلة التحويلات المالية الخارجية، يحذر ممثلو القطاع الخاص ومختصون من تردي الأوضاع الاقتصادية والتوقف عن تزويد السلطة بالخدمات والاحتياجات.
وحاولت الجزيرة نت الاتصال بعدد من المسؤولين الفلسطينيين لاستيضاح حقيقة الوضع المالي دون جدوى، لكن مدير العلاقات العامة والإعلام في وزارة المالية رامي مهداوي أحالنا إلى موقع الوزارة، الذي تشير معطياته إلى تراجع تدريجي في حجم الديون المحلية خلال الشهور الأخيرة وبشكل أقل بالنسبة للديون الخارجية.
ووفق معطيات الوزارة حتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فإن إجمالي الديون على السلطة تتجاوز 8.3 مليارات دولار، منها 4.4 مليارات ديونا خارجية، ونحو 3.9 ديونا محلية، منها حوالي 1.2 مليار دولار عبارة عن قروض قصيرة الأجل من البنوك.
الأكثر تضررا
ووفق اتحاد الصناعات الدوائية فإن ديون المصانع على السلطة تبلغ خمسين مليونا شيكلا (أكثر من 14 مليونا دولارا)، مما دفعها للاقتراض من البنوك لتغطية نفقاتها المالية وسداد رواتب موظفيها.
ويقول المدير التنفيذي للاتحاد عوض اعلية في حديثه للجزيرة نت، إنه مع وصول المصانع لحدود الاقتراض العليا من المؤسسات المالية تراجعت قدرتها على استيراد المواد الخام، ويعجز بعضها عن دفع رواتب موظفيها، مطالبا السلطة بعدم ربط الحقوق المالية للشركات بالتبرعات والهبات الخارجية.
ووفق اعلية فإن خمسة مصانع أدوية فلسطينية تُشغل نحو ألف ومائتي شخص بشكل مباشر، وتغطي قرابة 50% من احتياجات السلطة الفلسطينية من الأدوية.
من جهة أخرى، يفيد رئيس اتحاد موردي الأدوية والمعدات الطبية هيثم مسروجي أن ديون الاتحاد على السلطة لم تقل منذ عامين عن مائتين وخمسين مليون شيكل (نحو71 مليون دولار)، مؤكدا أنه لا وعود بسداد هذه الديون أو جدولتها في الوقت القريب.
وحذر مسروجي في حديثه للجزيرة نت من التأثير السلبي لتراكم الديون على الشركات وأدائها، خاصة وأنها على أبواب مرحلة قد لا تتمكن فيها من استيراد الأدوية الضرورية وذات التكلفة العالية، خاصة لمرضى السرطان والهيموفيليا. وأوضح أن الشركات تقترض من البنوك لدفع رواتب موظفيها وتدفع فوائد على هذه القروض، بينما دينها على السلطة بلا فوائد "ما يترتب عليه خسارة مضاعفة للشركات".
وما ينطبق على شركات الأدوية ينطبق على قطاعات أخرى، فالسلطة مدِينة للبنوك بنحو 1.2 مليار دولار، ولشركات المقاولات بنحو أربعين مليون دولار، وغيرها من القطاعات الاقتصادية الحيوية.
تحذير من العواقب
وحذر المحاضر بكلية الاقتصاد والعلوم الإدارية بجامعة النجاح نافذ أبو بكر من عواقب تراكم ديون القطاع الخاص على السلطة، وتأثيره على الاقتصاد الوطني عموما، مؤكدا أنه لا يمكن للشركات والمؤسسات الاقتصادية الوفاء بالتزاماتها والاستمرار دون حصولها على مستحقاتها.
وأوضح أن إيرادات السلطة المحلية تقدر بنحو سبعين مليون دولار شهريا، ُيُضاف إليها مائة وعشرون مليونا من عائدات الضرائب التي تحولها إسرائيل، في حين تبلغ التزاماتها الشهرية قرابة ثلاثمائة مليون دولار، مما يعني عجزا شهريا يزيد على مائة مليون دولار.
ولا يرى الاقتصادي الفلسطيني أفقاً لانتهاء ديون السلطة دون استقرار سياسي أو اقتصادي نظرا لوجود الاحتلال وسوء التخطيط وإدارة المال العام، مستشهدا بتقرير دولي أفاد بأن السلطة تلقت منذ اتفاق أوسلو وحتى أواسط 2013 قرابة 25 مليار دولار دون أن يتحقق الاستقرار المنشود. وأرجع أبو بكر تمكن السلطة من سداد ما يزيد على مائتي مليون دولار في الشهور الأخيرة إلى تدفق المساعدات الخارجية بعد استئناف المفاوضات.