أكثر من مليار شيقل تفقدها السلطة سنويا بسبب التهريب
تم النشربتاريخ : 2015-09-17
مع زيادرة إجمالي الايرادات الضريبية والجمركية في الأعوام الأخيرة، والتي حققت في عام 2014 نموا بلغت نسبته 20% مقارنة مع عام 2013 أي بزيادة مقدارها 1.4 مليار شيقلا، ينتظر المراقبون للاقتصاد الفلسطيني إن كان هناك زيادة مرتقبة لهذا العام، في الوقت الذي زادت فيه أيضا نسبة التهريب والتهرب الضريبي على منتجات وبضائع ممنوعة من الدخول.
وفي الوقت الذي أوقفت فيه الحكومة دعمها المباشر للدخان، ورفع الضريبة بشكل كبير عليها، زادت الإيرادات التي تجبيها خزينة السلطة من التبغ المستورد والمحلي بمعدل 300 مليون شيقلا، حتى بداية العام الجاري، وبالرغم من هذه الزيارة، إلا أن خزينة السلطة ما زالت تخسر سنويا ما يقارب مليار و200 ألف شيقل سنويا من الدخان المهرب إلى السوق الفلسطينية، إضافة إلى ملايين الدولارات من تهريب الفلتر المستخدم في صناعة الدخان العربي.
وحول ذلك، قال مدير عام الإدارة العامة للجمارك والمكوس وضريبة القيمة المضافة في وزارة المالية لؤي حنش في تصريحات صحفية سابقة، "إذا دخل 700-800 ألف مسافر فلسطين عبر معبر الكرامة، وكل شخص يحمل (كروزين دخان)، بذلك يكون مليون و600 ألف كروز دخان السوق بشكل قانوني، وعلى الأقل فإن رقما مشابها يتم تهريبه سنوياً، حيث أن ما ضبط عام 2014 هو فقط 14 ألف كروز دخان على معبر الكرامة، في حين أن الإسرائيليين ضبطوا كميات أخرى لم يتم إطلاعنا عليها، لكنها ليست أقل من الكمية التي ضبطت من جهتنا".
وأضاف الحنش إن تهريب الدخان الأجنبي يؤثر بشكل كبير على الخزينة، بمقدار مليار و200 ألف شيقل سنوياً، ولو تم مقارنة آثار التهريب على الخزينة مع الزراعة، نجد التهريب يؤثر بشكل أضخم، ونسعى لوقفه أو لجمه بقدر المستطاع".
وأشار إلى أنه بحسبة أخرى بعيداً عن أي ضغوطات أخرى، لو تم حساب تكلفة وزارة الصحة والسلطة، ونظرة المجتمع لنا، لن يكون هنالك حكومة رشيدة تقول سأضع الدخان بمتناول المواطنين، هذا يعتبر انتحارا، الموضوع ليس مجرد إيرادات بل مجتمع إذا لم يكن اليوم، ليكن لأبنائنا والمجتمع، خاصة أن الشعب الفلسطيني يستهلك 2 مليار شيقل على السجائر في الضفة الغربية وحدها.
وبالرغم من كل الإحصاءات التي قدمها حنش، تبقى القرارات التنفيذية ضعيفة إلى حد كبير ولم تتمكن الضابطة الجمركية إلى الآن من وقف أو تقليل عمليات التهريب.
وقدر حنش، ما يدفعه المواطنون في الضفة الغربية لوحدها على السجائر ما يقارب 2 مليار شيقل سنويا، مؤكدا "يستحيل أن يكون هنالك تدعيم للدخان، ولن نتراجع عن القرار"، مشيرا إلى أنه: "إذا لم يكن هنالك ثبات في السياسة التي نسير فيها، الكل سيراهن أنه سيكون هنالك تغير ، لكن سياسة الحكومة الحالية ثابتة، فمستحيل أن ندعم الدخان، وقد تم تثبيت تعريفة الدخان المحلي والأجنبي، كما أن المدخنين في الشارع الفلسطيني الذين تحولوا لتدخين الدخان العربي قاموا بذلك وانتهى الأمر، هذه الشريحة أصبحت معروفة لنا، لأننا لم نغير سياستنا منذ عام كامل لأول مرة، ولن نغيرها الآن، وسنبقى مصرين على ذلك".
وقال حنش إن الدخان كان قبل أن يتم وقف القرار ثلاثة أنواع، الدخان المحلي الذي يدفع التعرفة العادية، والدخان المدعوم وهو بسعر مخفض، إضافة للدخان المستورد الذي يدفع كامل التعرفة، وعند قرار مجلس الوزراء بوقف العمل في عملية دعم الدخان في شهر آذار 2014، بقي نوعان من الدخان المحلي الذي يدفع كامل التعرفة والمستورد كذلك.
وأضاف أن المبلغ المستقطع بعد وقف الدعم أثر بشكل واضح على إيرادات الخزينة، كما أن هذا الرقم ازداد من ضرائب الدخان المستورد بسبب زيادة كمياته بشكل أكبر، ورغم زيادة كميات الدخان المحلي، إلا أن المستورد زاد بشكل أكبر، وبذلك يمكن اعتبار المبلغ المضاف وهو 300 مليون شيقل ممتازاً لخزينة المالية.
وقال حنش: "نحن نعرف أن بعض التجار يهربون الدخان الأجنبي الإسرائيلي لأسواق الضفة الغربية، لكن ليس في كافة المناطق بل في المناطق المحاذية والقريبة، مثل الرام قلنديا، وغيرها، لوجود أشخاص قد يرغبون فيه لأسباب غريبة".
ويعتبر حجم السوق الفلسطيني من الدخان أكثر من 2 مليار شيقل، فيما أن حجم المحلي وحده بين 250-300 مليون شيقل فقط، كما أنه لا يوجد كميات محددة لدخول الدخان المستورد، شركات الاستيراد هي من تقرر الكميات التي تريد إدخالها، وكذلك الشركات المحلية تنتج في السنة الكمية التي تريدها من دون تحديد من قبلنا.
كما يعتبر التبغ أحد أهم الموارد المالية لخزينة السلطة سواء كان مستورد أو محلي، ونحن نعي تماماً أن سوق الدخان ليس منظماً مئة بالمئة، لكن نعتقد أننا أفضل من عدد آخر من الدول المحيطة، فيما أن البترول يعتبر أفضل سوق كعوائد مالية للخزينة، وبعدها التبغ والسيارات، التي تعتبر أفضل ثلاث قطاعات لخزينة السلطة، في الوقت الذي تقدر فيه مجمل إيرادات السلطة من الضرائب المحلية بـ3 مليار شيقل سنوياً، فيما أن القيمة المضافة تقدر بـ40-50% من ضرائب الإيرادات المحلية.
وكانت الحكومة الفلسطينية منعت استراد الفلاتر المستخدمة في الدخان العربي المصنع في البيوت، استنادا إلى 'تنظيم' العمل في هذه الزراعة، التي تحولت إلى صناعة تشكل مصدر دخل لنحو ألف أسرة، فإن المزارعين يرون في تطبيق القانون 'تدميرا' لصناعتهم لصالح شركات السجائر المحلية، في الوقت الذي تعتبر فيه عملية زراعة التبغ الموجودة حالياً غير قانونية.
وشكلت الحكومة لجنة لمتابعة موضوع التبغ، ولجنة اقتصادية منبثقة عنه أيضاً، لمتابعة المزارعين الذين يزرعون أراضيهم بالتبغ، وكانت حجج المزارعين أنه لا يوجد مياه في المنطقة، لكن هذا غير صحيح، الأراضي التي يزرع فيها تبغ تعتبر من أفضل الأرضي الزراعية في فلسطين، وللأسف الشديد الناس تحولت من زراعة البندورة والخيار والبطيخ وغيرها من المحاصيل، إلى التبغ، وبدلاً من أن تكون هذه الأراضي السلة الغذائية لفلسطين، فلسطين تحولت اليوم لزراعة التبغ، لأن بعض المزارعين يدعون أن الأرباح في التبغ أعلى، وهنا أصبح الحديث عن مبدأ تجاري بدلاً من الحديث عنه كموضوع زراعة، إضافة لوجود بعض السماسرة والمهربين الذين يتعاملون مع المزارعين ويشجعونهم لزيادة الزراعة.
وكانت وزارة المالية أكدت أنه قانونياً، زراعة التبغ ممنوعة، بشكل عشوائي وجب أن تنظم وتحدد الأراضي التي يسمح بزراعتها بما يكفي شركات الدخان المحلي فقط.
وانتشرت في السنوات القليلة الماضية زراعة التبغ بشكل كبير، حتى وصلت مساحة الأراضي المزروعة تبغ إلى ما يقارب 20 ألف دونم، والنتيجة حصول فائض في الانتاج وإغراق السوق.. ورغم محاولة وزارة الزراعة والمؤسسات ذات الاختصاص لحل الاشكالية إلا أن أي نتيجة لم تظهر في هذا الموضوع.
وعزوف العديد من المزارعين عن مهنتهم الأصلية وهي الزراعة، وتركيز العديد منهم على زراعة صنف معين بعيدا عن احتياجات السوق والجدوى الاقتصادية له، رغم وجود أصناف قد يكون لها جدوى اقتصادية أفضل أدى إلى اعتبار القطاع الزراعي الفلسطيني قطاعا غير منظم.
وكانت الإغاثة الزراعية أكدت أن المزارعين يعتقدون أن زراعة التبغ ستعود لهم بدخل كبير في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، لكن ذلك ليس دقيقا، حيث أن الجدوى الاقتصادية لزراعة التبغ عند حساب متوسط صافي أرباح في السنة 2000 شيقل للدونم الواحد، في حين أن الزعتر على سبيل المثال رغم صغر مساحة الأراضي المزروعة تعود بجدوى اقتصادية أكثر بالضعف على الأقل للمزارع.