روسيا في مواجهة خطر انخفاض اسعار النفط
تم النشربتاريخ : 2014-12-13
يواجه الاقتصاد الروسي في المرحلة الراهنة تحديات صعبة بانخفاض أسعار النفط عالميا، مما يشكل عبئا يضاف إلى أعباء العقوبات الغربية والأزمة الأوكرانية، خاصة أن عائدات النفط تشكل ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد الروسي. وحمل اجتماع منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) الأخير آمالا كبيرة بخفض حصص الإنتاج، إلا أن النقاشات الحامية التي دارت فيه لم تفض إلى اتفاق.
فقد عقدت منظمة أوبك -التي تسيطر على أكثر من 70% من احتياطيات النفط العالمي- اجتماعها مؤخرا بالنمسا في ظل هبوط أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها خلال أربع سنوات، وتوقعات بخفض حصص الإنتاج من أجل استقرار الأسعار.
لكن الدول الأعضاء في أوبك قررت الإبقاء على حصص الإنتاج الحالية عند مستوى 30 مليون برميل يوميا، دون تغيير حتى الصيف القادم.
وأثّر قرار المنظمة فورا على الأسواق العالمية، مسببا انخفاض الأسعار بشكل سريع، مع توقعات بمواصلة هبوطها حتى نهاية العام الحالي.
غراتشيوف: غالبية دول أوبك أعدت موازناتها على سعر النفط بمائة دولار (الجزيرة) |
أمر طبيعي
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قلل من شأن قرارات المنظمة والنتائج المترتبة عنها، قائلا "لا أرى أي شيء لافت في تراجع أسعار النفط بعد اتخاذ قرار أوبك".
واعتبر "أن هذا رد فعل طبيعي للسوق وكان متوقعا، ولا يوجد بين كبار المنتجين من يصر على اتخاذ إجراءات استثنائية لتعديل الأسعار، وما يحدث أمر طبيعي ومقبول".
أما رئيس لجنة الطاقة في مجلس الدوما الروسي إيفان غراتشيوف فقد اعتبر أن الاجتماع الأخير لأوبك يؤكد أن تأثير المنظمة تراجع في السوق العالمية.
وأضاف غراتشيوف متحدثا للجزيرة نت، أنه كان يأمل أن تتخذ أوبك قرارا بخفض الإنتاج، وحينها كان يمكن أن تتخذ روسيا بدورها قرارا مماثلا كما حدث عام 2008 عندما اقتربت أسعار النفط من مستوى 40 دولارا للبرميل.
ولفت إلى أن هذه التغيرات محفوفة بالمخاطر لأن غالبية الدول الأعضاء في أوبك أعدت موازناتها العامة على أساس بقاء أسعار النفط مرتفعة. فمثلا ميزانية روسيا لعام 2015 استندت إلى بقاء تسعيرة النفط في حدود 100 دولار، وإذا واصلت الأسعار انخفاضها فإن روسيا ستكون مضطرة للسحب من احتياطياتها النقدية أو تقليص الإنفاق.
وأشار غراتشيوف إلى وجود تحول ملحوظ في السياسة النفطية العالمية، و"هناك حرب أسعار تشارك فيها أوبك ضد منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة، وسماح أوبك بهبوط الأسعار يهدف إلى إثبات عدم ربحية مشاريع النفط الصخري الباهظة الثمن وبالتالي إيقافها".
واعتبر أن استقرار الأوضاع يستوجب التزام دول أوبك وروسيا بحصصها دون تجاوز خلال العام المقبل، كما يستوجب وقف بيع النفط المصدر من المناطق الخاضعة لسيطرة عناصر تنظيم الدولة الإسلامية. وعبّر عن قناعته بأن تنفيذ هذه العوامل سيكون كافيا لاستقرار أسعار النفط بشكل سريع.
وفي نفس الوقت أبدى غراتشيوف تفاؤلا بإمكانية زيادة الطلب العالمي على النفط، وارتفاع الطلب زهاء 1.5 مليون برميل يوميا العام المقبل، وفقا لبيانات أخيرة.
جوانب إيجابية
أما المحلل في شركة "أوتكريتيه" الاستثمارية قسطنطين بوشوييف فأكد أن قرار أوبك وهبوط أسعار النفط لم يؤثرا بشكل كبير على أداء أسهم شركات الطاقة الروسية.
وأوضح الخبير متحدثا للجزيرة نت أن "مستوى عرض النفط في السوق يتماشى الآن مع الطلب".
وعبّر عن أمله في أن تسهم الظروف الراهنة وتراجع أسعار النفط في تسريع خطط الإصلاح الاقتصادي الحكومية باتجاه تقليل الاعتماد على تصدير موارد الطاقة، وتوجيه اهتمام خاص نحو التطوير التقني.
ويرى المتحدث باسم شركة "روس نفط" سيتشين أن الأوضاع الراهنة ليست حرجة لهذه الدرجة، فعلى سبيل المثال سجّل إنتاج الشركة تراجعا في الإنتاج بنحو 1.2 مليون طن لأول مرة هذا العام، مما يعني أن روسيا تستطيع القيام بخفض آخر في حجم الإنتاج بغض النظر عن موقف أوبك.
وقال إن عملية مراجعة آليات السيطرة على أسعار النفط قد بدأت، وتوقع أن تتعزز مواقف الدول غير الأعضاء في أوبك -مثل روسيا وكزاخستان وأذربيجان- وأن تبدأ التنسيق فيما بينها لضبط الأسعار.
وتوقع سيتشين أن تتراوح أسعار النفط خلال العام المقبل ما بين 70 و75 دولارا، مشيرا إلى أن من بين أهم العوامل التي تؤثر على الأسعار "تقلبات العرض والطلب، وقيمة الدولار أمام العملات الأخرى، وحجم استخراج موارد الطاقة الصخرية في الولايات المتحدة".