شركة سوبر نمر من ليالي الفقر الباردة لنموذج اقتصادي فلسطيني وطموح لا ينتهي
تم النشربتاريخ : 2014-09-22
لم تكن ظروف الحياة الصعبة وملامح الحياة الباهتة وتفاصيل الفقر القاسي وغياب الوالدين فصلا عن فصول اليأس والاكتئاب والفشل في حياة احمد عبد الرحيم العملة, بل كانت بمثابة قلب نابض لا يضعف من القوة والعزم والنجاح.
أحمد عبد الرحيم العملة الذي ولد في قرية بيت أولا قضاء محافظة الخليل في العام 1961 وعاش في كنف عائلة فقيرة لا تكاد تملك قوت يومها, ولم ينعم بالعيش بكنف والديه طويلا, حيث غادرت روحيهما الطاهرة هذه الأرض باكراً وسكنت عند بارئها ليبقى أحمد هو وأخ واحد وشقيقتان يستنشقون أنفاس الألم ويعتاشون على الذكريات المؤلمة لرحيل الوالدين فلا شئ يُعادل فقدهما, ولكن احمد دون ذويه بقى يحتفظ بما تعلمه من والده خلال الخمسة عشر عاماً التي قضاها معه ونقشها في ذاكرته وورث منه القوة والكبرياء والقدرة على التحمل وعزة النفس, هذه الصفات دفعته ليكمل تعليمه في مدرسة بيت أولا الإعدادية ومن ثم ليكمل مشواره العلمي في مدرسة اليتيم العربي في القدس وينتهج الفرع الصناعي ويتعلم الحدادة.
ومن المدرسة الصناعية وتعلم الحدادة إلى سوق العمل وهو يعتلي سلم الطموح راوياً لنا ما كان يجول في خاطره من طموح وأفكار آنذاك:" منذ أنهيت تعليمي و أنا أحلم أن أكون صاحب شركة أو مؤسسة وان أكون رياديا في عملي " قال ذلك ولمعة الطموح لم تفارق عينيه ولم تترك أحلامه يوماً إلا وكانت ضيف شرف عليها.
دخل أحمد بعد ذلك عام 1985 بعدما أتقن مهنة الحدادة ووضع مخططه المبدئي لذلك بعد أن استعان بأحد أقاربه واستدان منه مبلغا من النقود ليفتتح ورشة حدادة في بيت أولا ويسجلها كمحددة في القيمة المضافة وكان رأس ماله آنذاك 1500 دينار, وبقي يعمل فيها خمس سنوات إلى أن توجه في العام 1990 إلى مدينة بيت لحم وافتتح ورشة أخرى في منطقة الدهيشة, وبذلك اتسعت رقعة عمله بين منطقته ومدينة بيت لحم والقدس وضواحيها, وما بين الجِد والطموح والمثابرة للوصول إلى الهدف وقع نظر احمد يوماً على إعلان في الجريدة تحت عنوان كيف تؤسس مشروعا, حيث كانت هذه المنحة نفذت من قبل جامعة بيت لحم وبتمويل من الدول المانحة واقتصرت على الخبرات ولم يكن فيها أي دعم مالي, ويتابع السيد أحمد حديث عن هذه الدورة قائلا " أتذكر أنني اجتزت التدريب وتعلمت منه كيف أطور قدراتي واطور مشروع وأبنيه حتى يستمر طويلا بعيدا عن أي تمويل ".
وتوالت السنين واتيحت الفرصة لاحمد في عامي 1994-1995 لإنشاء مصنع للسخانات الشمسية من قبل أحد الأشخاص الذي كان يحتاج لسيولة مالية مقدارها مئة ألف شيكل والتي وقفت عائقاً دون تنفيذ المشروع لينطلق بعدها وبالتعاون مع أخيه الأكبر ومجموعة من الشركاء لتصنيع خزائن كهربائية وعدادات مياه للسوق الإسرائيلي تحت مسمى شركة العنان والتي رأت النور عام 1997 وتطورت خلال خمس سنوات ليكون رأس مالها بالملايين وبكميات إنتاج عالية وفريق عمل مكون من 25 عاملا، ولكن انتهى المطاف بها إلى الانفصال عن الشركاء واتجاه أحمد وأخيه تأسيس شركه باسم سوبر نمر عام 2004 حيث كان رأس مالها لا يتجاوز الـ 100 ألف دينار.
وفي العام 2008 استطاعت الشركة توسيع إنتاجها و زيادته وتطويره و تخطوا رغبة السوق في الأبواب التركية والصينية وتمكنوا من ترويج منتجاتهم بالسوق والتي بلغت نسبة إنتاجها 85% رغم أن السوق الإسرائيلي يقوم بوضع طوابع بعد ذلك تدل أنه مصنعها ويعيدها للسوق الفلسطيني.
رغم كل محاولات شركة سوبر نمر الترويج لمنتجاتها وبقوة بالسوق الفلسطيني ولكن هناك مشكلة مع التجار الفلسطينيين في تقبلهم للمنتج الفلسطيني.
وبعد تلك المراحل المتتالية والصاعدة من قبل الشركة كان هناك توجها من قبل العاملين فيها بضرورة إضافة أصناف جديدة من المنتوجات بمواصفات عالمية وتمكنت الشركة من الحصول عليها ليتم فعليا تطوير المصنع وترامي مساحته حتى تم افتتاح خط إنتاج جديد لصناعة الأبواب بدعم من الوكالة الأمريكية للتنمية (USAID) والمؤسسة البريطانية والبنك الدولي وقد قام السيد هاد سمكا ممثل الوكالة الأمريكية والدكتور سلام فياض بافتتاح خط الإنتاج وفي ايار عام 2010, لتوجد بذلك الشركة خط إنتاج جديد للسوق الفلسطيني حيث يتضمن خطي إنتاج الأول يقوم بإنتاج أبواب الأمان, أبواب ضد الحريق وأبواب الديكور بأشكال مختلفة وأبواب المدارس والمؤسسات والشقق السكنية وأبواب اللوفر,أبواب ضد أشعة اكس وأبواب ضد الرصاص وأبواب ضد الصوت, والثاني يقوم بإنتاج خزائن مجمعات الكهرباء والهاتف وصناديق المياه والخزائن المعدنية بإشكالها المختلفة, ليصل رأس مال الشركة بعد ذلك في العام 2014 لـخمسة مليون دولار ويقدر عدد العاملين فيها بين إداريين وفنيين ومهندسين 75 وحصلت الشركة على شهادة الايزو (ISO 9001) لأبواب الحريق، بالإضافة إلى الشهادة البريطانية للأبواب ضد الحريق (certifier ) وتم توقيع عدة اتفاقيات مع مؤسسة كارانا للحصول على فحص الأبواب في معهد المواصفات الأمريكية (UL) وكالة التنمية الأمريكية (USAID) واعتماد الأبواب للمشاريع التي تمولها الوكالة , كما تم اعتماد أبواب سوبر نمر في المدارس التابعة لوكالة الغوث الدولية وفي وزارة الأشغال العامة، وفي وكالة (UNDP) بالقدس, بالإضافة لإبرام عدة اتفاقيات مع بالتريد لتسويق منتجات المصنع داخلياً وخارجياً.
ومازالت الشركة تواكب الانجازات لفتح خط خارجي ألحقته بتطوير الرؤيا وافتتاح مكتب تسويقي بالمغرب وآخر بالكويت رغم صعوبة الظروف في فلسطين وإمكانية توقيف الصفقات بأي لحظة من قبل الإسرائيليين إذا حدث أي خلافات أو اضطرابات سياسية بين الطرفين.
من ليالي الفقر الباردة اشتعلت نيران التحدي والإصرار في قلب القائمين على هذه الشركة الرائدة والوحيدة في فلسطين لتكون الأولى ولتصعد سلم النجاح والتميز وتضرب الأمثلة لنموذج اقتصادي واعد يتجه بنظرات القائمين عليه للتوسع أكثر وأكثر متسلحين بالإيمان والعمل والطموح الدائم.