ملتقى رجال الأعمال الفلسطيني
Forum Businessmen Palestinian
الرئيسية أخبار إقتصادية

الحوكمة ضرورة إدارية لاستدامة الشركات وتنمية الاقتصاد

تم النشربتاريخ : 2014-04-14

 رام الله- معا- منذ تأسيس هيئة سوق رأس المال في العام 2013، سعىت لجنة الحوكمة الوطنية المنبثقة عن الهيئة إلى تأسيس مدونة حوكمة الشركات لتكون بمثابة دليل إرشادي للشركات الفلسطينية في الالتزام بمعايير الحوكمة التي تضبط أنظمة الشركات الداخلية وتضمن تطبيق مبادئ الحكم الرشيد والممارسات المثلى في الإدارة يما يشمل توظيف الموارد المادية والبشرية بما يحقق نمواً مستداماً للشركات والمؤسسات الفلسطينية. وقد عرفت مدونة حوكمة الشركات الفلسطينية "الحوكمة" على أنها "مجموعة القواعد والإجراءات التي يتم بموجبها إدارة الشركة والرقابة عليها، عن طريق تنظيم العلاقات بين مجلس الإدارة، والإدارة التنفيذية، والمساهمين، وأصحاب المصالح الآخرين، وكذلك المسؤولية الاجتماعية والبيئية للشركة" فهي عبارة عن حزمة من الممارسات والضوابط والمعايير الناظمة لبيئة الشركة الداخلية من جانب، وعلاقة الشركة مع محيطها الخارجي من جانب آخر.
واقع الحوكمة في المؤسسات الفلسطينية

وفي إجابته على سؤال حول واقع الحوكمة في فلسطين، قال السيد ماهر المصري، رئيس لجنة الحوكمة الوطنية "إن مفهوم الحوكمة في فلسطين حديث النشأة ولكنه تطور بشكلٍ سريع نسبياً نظراً لحملات التوعية التي قامت بها الجهات المعنية في هذا الشأن وللتعليمات والأنظمة التي تم وضعها من قبل الهيئات الرقابية على الشركات المساهمة العامة، وأضاف المصري بأننا ننتظر أن يشهد العام الحالي والعام المقبل خطوات عملية باتجاه تعزيز تطبيق مبادئ الحوكمة في فلسطين.

الحوكمة واستدامة الشركات
وحول العلاقة بين الحوكمة واستدامة الشركات الفلسطينية، قال المصري بأن تطبيق مبادئ الحوكمة يعزز الشفافية من خلال الإفصاح عن واقع الشركة وخططها المستقبلية، كما أنه يساهم في تخفيض المخاطر من خلال اتباع إجراءات الإدارة الرشيدة ويؤدي بالتالي إلى استدامة عمل تلك الشركات وإمكانية تحقيق أرباح متعاظمة، مضيفاً بأن الشركات التي تطبق مبادئ الحوكمة تحظى باهتمام أكبر من قبل المستثمرين وصناديق الاستثمار، وتستقطب نسبة أكبر من الاستثمارات في أصولها من تلك الشركات التي لا تطبقها.

الحوكمة..ضرورة تنافسية وتنموية في ظل العولمة
وقد أشار الدليل السابع لحوكمة الشركات الصادر عن "المنتدى العالمي لحوكمة الشركات" أنه قبل عقد من الزمان لم تكن الاعتبارات غير الربحية المتمثلة في مبادئ الحوكمة والممارسات المثلى ضرورة وأولوية عند الشركات، في حين أن هذه الاعتبارات أصبحت اليوم ضرورة لاستمرار كفاءة المؤسسات التجارية ونموها في ظل مجتمع العولمة الذي تتجاوز فيه القدرة التنافسية للشركات الحدود المصطنعة للدول، حيث ينضوي اليوم تحت الميثاق العالمي للأمم المتحدة أكثر من 6000 مؤسسة تجارية عالمية تخضع لشروط ومعايير دقيقة وصارمة في مجال الحوكمة. وأظهر الدليل أيضاً بأن التكامل الاقتصادي العالمي مثل القوة المحركة للتقدم السريع في وضع وتعميم ممارسات ومستويات الحوكمة الرشيدة للشركات، وجاء في الدليل بأن بأن مبادئ الحوكمة ليست قضية محورية بالنسبة للتنافسية والعلامات التجارية العالمية فحسب، بل إنها تكتسب أهمية أكبر فيما يتعلق بتحديث الدول والمجتمعات التي تمارس الشركات عملها على أراضيها.

وعن البعد التنموي لتطبيق مبادئ الحوكمة في المؤسسات الفلسطينية، قال د.عزمي الشعيبي، مفوض ائتلاف أمان من أجل النزاهة والمساءلة، وعضو اللجنة الوطنية للحوكمة ، بأن الشركات المساهمة تلعب دوراً خاصا ومميزاً في تطوير الاقتصاد الوطني لأي بلد إذا ما جرى توظيف الموارد المالية والبشرية التي تتوفر لها بشكل كفؤ وفعال، على طريق تحقيق التنمية المستدامة ومجابهة التحديات الخارجية التي تفرضها العولمة والانفتاح الإقتصادي.
وأضاف الشعيبي بأن مساهمة الشركات في تحريك عجلة النشاط الاقتصادي من خلال خلق فرص عمل، وتقديم الخدمات الأساسية والحيويه لأفراد وفئات المجتمع المختلفة لا يمكن أن تتحقق إلا في ظل مراعاة مبادىء وأسس وقواعد الحوكمة الرشيدة كونها الضامن الأوحد لتوفير بيئة عمل مواتية ومانعة للفساد ونظام نزاهة يقوم على وجود إطار قانوني وتنظيمي ومؤسسي يحكم أنشطتها وسياساتها ويوفر الأسس السليمة للرقابة على أدائها.
تجربة القطاع الخاص

وحول تجربة القطاع الخاص الفلسطيني في مجال الحوكمة تحدث، السيد سمير حليله، الرئيس التنفيذي لباديكو القابضة، عن تجربة الشركة في هذا السياق، فقال بأن باديكو القابضة تعتبر الحوكمة جزءاً أصيلاً من مبادئها الإدارية الناظمة لعمل الشركة، كونها ضرورة إستراتيجية تضمن سير الشركة في الاتجاه الصحيح واستشراف الآفاق المستقبلية، والاستغلال الأمثل للموارد، وتوزيع المهام والصلاحيات بين أعضاء مجلس الإدارة من جانب، وبين مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية من جانب آخر، حيث أشار إلى التزام الشركة بمبادئ الحوكمة من خلال اتخاذ القرارات بالأغلبية، موضحاً أن الحد الأدنى للتأهل لعضوية مجلس الإدارة في باديكو القابضة يبلغ 100,000 سهم، مضيفاً أنه ليس لأي من رئيس وأعضاء مجلس الإدارة مناصب تنفيذية سواء في الشركة أو شركاتها التابعة. وقال حليله بأن مجلس الإدارة قام خلال السنوات الماضية بتشكيل عدد من اللجان الداخلية، منها لجان دائمة كما هو في حالة اللجنة التنفيذية، ولجنة التدقيق، ولجان بصفة مؤقتة كُلفت بمهام وصلاحيات محددة ومرتبطة بجدول زمني.

وأكد حليله أن باديكو القابضة، وضمن مساعيها المستمرة لتحسين منظومة الحوكمة التي تتبناها، انتهت في العام 2013 من إعداد دراسة نفذتها مؤسسة التمويل الدولية (IFC)، الذراع الاستثمارية لمجموعة البنك الدولي، تهدف لتطوير مبادئ الحوكمة في باديكو القابضة، وأضاف بأن الدراسة شملت مراجعة شاملة لمقومات الحوكمة والشفافية في الشركة، وإعطاء توصيات لتطويرها. وقال بأن باديكو القابضة تعتمد حالياً على توصيات الدراسة كمرجع لتحسين الحوكمة وممارسات العمل المثلى داخل الشركة، بما يشمل دور مجلس الإدارة، من حيث البنية والمهام والصلاحيات، أو العلاقة مع المساهمين والمجتمع، أو فيما يتعلق بمعايير التقارير والإفصاحات الدورية، والمسؤولية الاجتماعية، وسياسة استدامة المشاريع، ومعايير الوفاء بالمتطلبات البيئية لمشاريع الشركة.


تحديات ومعيقات
وقد أظهر تقرير زودنا به "الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة: أمان" عدداً من التحديات التي تعيق تطبيق مبادئ مدونة الحوكمة في فلسطين، لا سيما مدونة السلوك الخاصة بالشركات ((code of ethics وقد صنف التقرير هذه التحديات إلى صنفين رئيسيين:
أولاً: معيقات ذات طابع تنظيمي:
1. أن المدونة ليست جزءاً من القوانين والتشريعات، إضافة إلى أن جزءاً من أحكام المدونة مغطى من خلال القوانين وأنظمة الشركة.
2. لم يجر تعميم المدونة بصورة رسمية على الشركات، واقتصر الأمر على توقيعها، كما لم تبادر أي جهة تمثيلية في القطاع الخاص (مثل الاتحادات) بطباعتها وتوزيعها.
3. غياب جهة أو لجنة متخصصة مكلفة بمتابعة تنفيذ المدونة وتفسير أحكامها ووضع الأدوات والنماذج اللازمة لتسهيل التطبيق، إضافة لمراقبة التنفيذ، كما أن المدونة ذاتها لم تتضمن آلية واضحة للتنفيذ.
ثانياً: معيقات ذات علاقة بالشركة
تعود هذه المعيقات لأسباب داخلية في الشركة ومن ذلك:
1. ركزت بعض الشركات على عملية البناء الذاتي وإعطاء الأولوية لتقوية نفسها، مما أضعف الاهتمام بتطبيق المدونة، وأدى إلى تراجعها على سلم أولويات الشركات.
2. إدخال مبادئ المدونة ضمن إطار نظام العمل في الشركة يحتاج إلى تكاليف إضافية مادية وبشرية، كما أن منهج تطبيق بعض المبادئ والأفكار الجديدة التي جاءت بها المدونة معقد أحيانا وهو بحاجة لوقت وجهد وأموال إضافية.
3. أحيانا يسبب حدوث تغييرات على مستوى إدارة بعض الشركات، إشكالية بالنسبة لعلم الإدارة الجديدة بالمدونة، وبمدى إعطائها أولوية في الخطط والبرامج الجديدة.

حلول لتعزيز ثقافة الحوكمة لدى الشركات

وقدم تقرير "أمان" عدداً من التوصيات والحلول المقترحة لتعزيز التزام الشركات بمدونة الحوكمة، مثل تطوير مؤشر قياس مدى الالتزام بقواعد مدونة الحوكمة من قبل الشركات، وإعطاء المدونة صبغة أكثر إلزامية وتعميم ذلك على الموظفين، وإجراء مراجعة لأنظمة الشركة وإجراءات العمل بهدف تبني مبادئ المدونة وتضمينها، و تنفيذ زيارات لرؤساء ومجالس إدارات الشركات وعقد ورشات واجتماعات خاصة حول المدونة، وتحويل المدونة إلى شهادة نزاهة مثل الآيزو، وأن يقوم القطاع الخاص برصد مبالغ مالية لضمان استمرارية هذه الشهادة، وتضمين التشريعات المعمول بها أحكاما تعزز إلزامية بنود المدونة، من خلال مراجعة تلك التشريعات في المستقبل وإدخال المبادئ فيها، بحيث يكون تطبيقها ذا طابع رسمي، ومن جهات مختصة.

من جهته أشار السيد ماهر المصري إلى ضرورة تعميق مفهوم الحوكمة لدى الشركات من خلال تنبيهها إلى النتائج الإيجابية التي ستحصدها في حال تطبيقها لمبادئ الحوكمة؛ وأضاف بأن تعديل قانون الشركات المعمول به حالياً في فلسطين أمر حيوي لتطبيق أوسع لمبادئ الحوكمة.